كنوز السودان من المحميات الطبيعية تواجه مخاطر مناخية وبشرية
كنوز السودان من المحميات الطبيعية تواجه مخاطر مناخية وبشرية
تراجعت مساحة المحميات الطبيعية في السودان بنحو 30 في المئة بسبب عوامل التعرية الناجمة عن التغيرات المناخية والأنشطة البشرية الضارة.وحذر مختصون في مجال البيئة والحياة البرية من المخاطر الكببرة التي تواجه نحو 9 محميات برية وبحرية وصحراوية في السودان.
وفي حين تتعرض محميات برية كبيرة مثل محمية الدندر التي يبلغ عمرها نحو 80 عاما للانكماش بسبب القطع الجائر للغابات المحيطة بغرض التوسع في الزراعة وتجارة الأخشاب والفحم النباتي، تواجه المحميات المائية الواقعة على البحر الأحمر في شرق البلاد مخاطر وجودية حقيقية في ظل الآثار البيئية المتفاقمة الناتجة عن التوسع في أنشطة التعدين والاستخدام المفرط للزئبق والسيانيد.
كما تتعرض أنواع عديدة من الطيور مثل القمري السفاري الحباري بأنواعها إلى هجمة شرسة من الصيادين من داخل وخارج السودان بسبب قيمتها الغذائية والصحية العالية. وعلى الرغم من القوانين البيئية الدولية وقانون حماية الصيد والمحميات الطبيعية ، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تعديات كبيرة على المحميات الطبيعية في السودان تمثلت في الصيد الجائر الذي طال العشرات من الحيوانات النادرة.
ونتيجة للتعديات التي تعرضت لها العديد من المحميات الطبيعية في السودان، انقرضت خلال الفترة الاخيرة العديد من أنواع الحيوانات البرية النادرة مثل التيتل والأسود والنمور الإفريقية وغيرها.وتفافمت التعديات أكثر بسبب الإهمال الحكومي المترتب على عدم الاستقرار السياسي في البلاد، إضافة إلى زيادة أنشطة التعدين.
ويشير الخبراء والمختصون إلى ان استمرار تلك المخاطر سيؤدي إلى فقدان السودان لجزء كبير من تلك المحميات التي تحتوي على أعداد ضخمة من الحيوانات النادرة والأحياء المائية والتي تشكل عاملا مهما من عوامل حفظ التوازن البيئي وتنشيط السياحة البيئية التي توفر فرص عمل ومصدر دخل لآلاف السكان الذين يعيشون حولها.
ويبدو خطر أنشطة التعدين واضحا في المحميات البحرية، حيث تتعرض المحمية لعمليات صيد غير قانونية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الأحياء المائية التي تعيش فيها، والتي تتأثر سلبا بمخلفات أنشطة التعدين مثل الزئبق والسيانيد المنتشرة بكثرة في مناطق قريبة منها.
أبرز محميات السودان
● محمية الدندر:
أنشات في العام 1935؛ وتمتد على مساحة 10 آلاف كيلومتر مربع قرب الحدود بين السودان وإثيوبيا؛ وهي واحدة من أكبر المحميات الطبيعية في إفريقيا.يحيط بها نهرا الدندر والرهد وتوجد بها عشرات الممرات والبرك المائية. وتتميز بتنوع حيوي ونباتي فريد، إذ تزخر بغابات كثيفة تحتوي على نحو 176 نوعا من الأشجار والأعشاب النباتية والعطرية.
تعد محمية الدندر واحدة من عشر محميات عالمية مصنفة من محميات المحيط الحيوي، لاحتوائها على أندر سلالات الحيوانات والطيور، إذ تضم 27 نوعاً من الثدييات الصغيرة و200 نوعا من الطيور و 32 نوعاً من الأسماك وغيرها من الزواحف وأنواع الحيوانات الأخرى.
● محمية سنغنيب:
محمية بحرية تمتد على مساحة 26 كيلومتر مربع على شاطئ البحر الأحمر على بعد نحو 30 كيلومترا من مدينة بورتسودان في شرق البلاد. ومدرجة ضمن التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.تزخر المحمية بتنوع حيوي بحري يشمل 300 نوعا من الكائنات البحربة النادرة والحيتان والدلافبن والأسماك النادرة، إضافة إلى الشعب المرجانية. كما توجد حولها بقايا حطام سفن وإنشاءات بحرية ذات قيمة أثرية عالية.
● محمية جبل الحسانية:
هي محمية صحراوية تمتد على مساحة 60 ألف كيلومتر مربع وتبعد نحو كيلومتر عن العاصمة الخرطوم.تتميز ببيئة صحراوية وشبه صحراوية تتخللها المناظر الطبيعية المسطحة التي تجتازها الكثبان الرملية.الوديان والتلال والجبال وأنواع كثيرة من النباتات الصحراوية مثل اشجار الأكاسيا، إضافة إلى عدد من أنواع الحيوانات مثل الأغنام والقطط البرية والثعالب.
● محمية الردوم:
تقع في غرب السودان في المنطقة المتاخمة للحدود مع دولة إفريقيا الوسطى وتشغل مساحة تبلغ 11 ألف كيلومتر مربع. تضم أنواعاً كثيرة من النبات والحيوانات البرية النادرة. وتحيط بالمحمية عدد من التلال والهضاب والمجاري المائية.
أرقام صادمة
● تقلصت مساحات الغابات في السودان من 60 في المئة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي إلى أقل من 10 في المئة حاليا، وذلك بسبب عوامل التعرية الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي إضافة إلى انفصال الجنوب في العام 2011، والإهمال والقطع الجائر للاشجار في الغابات المتبقية.
● تهدد الأنشطة البشرية نصف انواع الحيوانات البرية الموجودة في المحميات السودانية والبالغ عددها نحو 250 نوعا.
● يتعرض أكثر من 100 نوع من 600 نوعا من الطيور الموجودة في السودان لخطر الانقراض أو الهجرة إلى أماكن أخرى، بسبب الصيد الجائر وما تتعرض له الغابات من تعرية مستمرة.
ماذا يقول المختصون؟
يشير عبد الحافظ عثمان مدير المشروع الوطني لتعزيز المناطق المحمية، إلى خطورة ما تتعرض له محميات السودان من تعديات بشرية وعوامل طبيعية في بعض المناطق. ويقول عثمان ، إن تأهيل المحميات الطبيعية والحفاظ عليها يحتاج توعية ومشاركة واسعة من الجهات الحكومية والشعبية وتنفيذ القوانين التي تمنع التعدي البشري، إضافة إلى تعزيز الإجراءات التي تقلص تأثير العوامل المناخية.
يؤكد محمد المكي عميد كلية الموارد الطبيعية في جامعة سنار بوسط السودان تأثر الحياة البرية بشكل كبير بتقلص المساحات الغابية. ويقول المكي إن للغطاء النباتي والغابي أهمية كبيرة في الحفاظ على سلالات الحيوانات البرية والطيور وزيادة اعدادها. ويشير المكي إلى أن التغير المناخي والجفاف أديا إلى اختفاء أو تهديد وجود أنواع مهمة من الطيور والحيونات البرية.
ليست هناك تعليقات