المرتزقة والإخوان.. عقبات وخلافات في وجه الحكومة الليبية

بوادر أزمة ليبية تلوح في الأفق بين حكومة الوحدة الوطنية الليبية والمجلس الأعلى للدولة الليبي، فمع توصل الليبيين لاتفاق بشأن خارطة طريق في فبراير الماضي تمهد لعقد انتخابات في ديسمبر المقبل وإنهاء الحرب الأهلية، شكل إرث الفوضى التي علقت فيها البلاد على مدار 10 سنوات تحدى كبير نحو التحول الديمقراطي.

 وفيما تسعى حكومة الوحدة الوطنية الليبية لتجاوز حقبة الصراع وطرد المرتزقة والقوات الاجانب من ليبيا، يتمسك والمجلس الأعلى للدولة الليبي بالاتفاقات التي أبرمتها حكومة الوفاق مع تركيا.


وانتقد رئيس المجلس الأعلي الليبي خالد المشري تصريحات وزيرة الخارجية الليبية حول ضرورة إخراج المرتزقة الليبيين وإخراج القوت التابعة لتركيا.

الخارجية الليبية مصممون على انسحاب تركيا

وقالت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش: أن بلادها مصممة على انسحاب تركيا من بلادها، وأنهم سيطلبون من كل الدول التعاون لإخراج القوات الأجنبية من أراضيهم.

وخلال جلسة استماع عقدت اليوم الجمعة مع لجنة الشؤون الخارجية بمقر مجلس النواب الإيطالي، قصر (مونتي تشيتوريو) في روما، شددت المنقوش على ضرورة تفعيل نتائج مؤتمر برلين لمراجعة طرق تطبيق وقف إطلاق النار وخروج القوات العسكرية الأجنبية غير الشرعية من ليبيا، بشكل يسمح بإجراء الانتخابات في ظروف من الأمن والاستقرار.

المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا

في وقت سابق من الشهر الجاري، طالب رئيس الوزراء الليبي المكلف عبدالحميد الدبيبة، أمام مجلس النواب الليبي، برحيل نحو 20 ألفا من المقاتلين الأجانب من ليبيا، واصفاً إياهم بأنهم «خنجر في ظهر ليبيا».

وقال الدبيبة، في كلمته خلال الجلسة التي انعقدت في سرت، «المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولا بد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم»، موضحا أنه سيتواصل مع الأمم المتحدة والدول التي أرسلت المرتزقة للمطالبة برحيلهم.

وأضاف «الأمر ليس بالهين، ويحتاج إلى الحكمة، وليس بالأبواق والحديث الإعلامي، واليوم سيادتنا منتهكة ولدينا 20 ألف مرتزق في البلاد كما كشفت التقارير الأممية».

الإخوان في صف تركيا

ردا على تصريحات وزيرة الخارجية الليبية، أعلن مجلس الدولة الليبي، في بيان له اليوم الجمعة، أن «إلغاء الاتفاق مع تركيا ليس من اختصاص الحكومة»، وشدد المجلس على أنه يحترم «الاتفاقيات مع تركيا بشقيها السياسي والعسكري».

وقال البيان: «إننا إذ نؤكد حرصنا على احترام خارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي تشكلت من مخرجاته حكومة الوحدة الوطنية؛ نؤكد في الوقت ذاته على أنه ليس من اختصاص هذه الحكومة إلغاء أية اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها» بحسب ما تنص عليه الفقرة العاشرة من المادة السادسة من خارطة الطريق المشار إليها .

وأكد المجلس «احترامه للاتفاقية الموقعة مع الدولة التركية بشقيها، كما نحترم أية اتفاقيات سابقة في أي مجال وقعت مع دولٍ أخرى» في إشارة إلى التصريحات المنسوبة لوزيرة الخارجية، التي نقلت عبر إحدى وكالات الأنباء الإيطالية.

لكن مجلس الدولة الليبي شدد على ضرورة خروج المرتزقة من ليبيا، قائلاً: «وبخصوص تواجد قوات أجنبية على الأراضي الليبية، فهذا مبدأ مرفوض جملة وتفصيلاً، ولا يجب أن يكون محل نقاش أو مزايدة من أحد، غير أن الجميع يجب أن يعي جيداً الفرق بين المرتزقة وبين وجود قوات بناءً على هذه الاتفاقيات المبرمة».

وأختتم البيان بقول «فنأمل من السلطة التنفيذية التنبه لذلك واحترام خارطة الطريق كاملة والالتزام بها».

ويسيطر الإسلاميين على المجلس الأعلى للدولة الليبي، وينتمي خالد المشري رئيس المجلس إلى حزب العدالة والبناء التابع للإخوان المسلمين.

يذكر أن مجلس الدولة الليبي ليس مؤسسة منتخبة مباشرة من الليبيين، لكنها مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية أسست في ليبيا بعد اتفاق الصخيرات الذي وقع في 17 ديسمبر 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف وضع حد للحرب للصراع في ليبيا.

وأجرى المجلس أول اجتماع له في إبريل 2016، تحول «المؤتمر الوطني العام»، وهو كيان سياسي انتهت ولايته في ليبيا، إلى صفته الجديدة متمثل في المجلس الأعلى للدولة الليبي.

وهاجمت الناطقة الرسمية باسم حزب العدالة والبناء، سميرة العزابي، وزيرة الخارجية قائلة إن تصريحاتها «أمر يثير الاستغراب، وسط استمرار تواجد المرتزقة الروس» بحسب قولها.

وزعمت أنه «حسب خارطة الطريق التي جاءت بالحكومة، فإن الاتفاقيات الدولية الموقعة تعتبر خارج مهام حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة والمجلس الرئاسي، وأن البت فيها من صلاحيات السلطة التي ستنبثق من الانتخابات القادمة.» بحسب قولها.

20 ألف مرتزق في ليبيا منهم 6 آلاف سوري

ويعود تاريخ التواجد التركي في ليبيا إلى نوفمبر 2019 حين وقعت تركيا توقيع اتفاقيتين لترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط واتفاق حول التعاون الأمني والعسكري الموسع، مع الحكومة التي كانت تسيطر على غرب ليبيا والمعروفة باسم حكومة الوفاق برئاسة برئاسة فايز السراج، إلا أن هذه الحكومة كان معترف بها من الأمم المتحدة مما أكسب هذه الاتفاقيات صفة رسمية.

وفي يناير الماضي أصدرت الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف في مدينة البيضاء الليبية، حكم بإلغاء قراري الاتفاقيتين الموقعتين بين حكومة الوفاق الليبية وتركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني والعسكري.

الأمم المتحدة ذكرت في ديسمبر الماضي أن عدد المرتزقة في ليبيا يبلغ 20 ألف يشغلون 10 قواعد عسكرية في ليبيا، أمام بشكل جزئي أو كلي.

وأكدت المبعوثة الأممية بالإنابة السابقة إلى ليبيا ستيفاني وليامز، في حوار لها مع بوابة الوسط الليبية فبراير الماضي، إن ليبيا فيها بين 17 و20 ألف مرتزق بينهم ستة آلاف سوري.

وقامت أنقرة بعملية تدوير المقاتلين، عبر نقل المقاتلين من سوريا إلى ليبيا، وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن في مارس الماضي، ليبيا لا يزال بها 6500 مرتزق لحماية القواعد التركية بها، إلا أن هنالك عدد من التسريبات ذكرتها «مرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تركيا بدأت في تخفيف تواجد المرتزقة السوريين في ليبيا، استجابة للضغوطات الدولية.

وفي مارس الماضي ذكر المرصد أن طائرة غادرت طرابلس من مطار معيتيقة في طريقها لتركيا وعلى متنها 120 مرتزقا سوريا.

تركيا: نتمسك بالاتفاقيات المبرمة مع حكومة الوفاق

لكن يبدو أن أنقرة لا تريد أن تنسحب من ليبيا بشكل نهائي، فوفق تصريحات مستشار أردوغان: بإن أنقرة تتمسك بالاتفاقيات المبرمة مع حكومة الوفاق.

وأكد ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن التمسك بالاتفاقيات المبرمة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية لن يضر بالوضع الداخلي الليبي.

وشدد ياسين أقطاي في تصريحات الشهر الجاري لوكالة «سبوتنيك»، على أن تركيا لن تتراجع عن موقفها في ليبيا بسبب انزعاج بعض الأطراف.

وقال أقطاي إن «التمسك بالاتفاقيات المبرمة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية لن يضر بالوضع الداخلي الليبي، لأن التدخل التركي في ليبيا خلق وضعا مستقرا في البلاد ولولا هذا التدخل لتفاقم الوضع».

مطالبات دولية بضرورة خروج المرتزقة

وتواجه تركيا ضغوطات دولية متمثلة في مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة خروج المرتزقة الاجانب من ليبيا، كون أنقرة أكبر الراعيين للمرتزقة في ليبيا.

وفي مارس الماضي، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في تقرير سلمه إلى مجلس الأمن «قلقه العميق» حيال «التقارير حول استمرار وجود عناصر أجنبية في ليبيا».

وعقب توصل ملتقى الحوار الليبي إلى تشكيل حكومة ليبية في 5 فبراير الماضي، دعاياً إلى انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا، والامتثال لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، والدعوة إلى وقف إطلاق النار في المدن الليبية.

المرتزقة والإخوان.. عقبات وخلافات في وجه الحكومة الليبية المرتزقة والإخوان.. عقبات وخلافات في وجه الحكومة الليبية بواسطة The King on أبريل 24, 2021 Rating: 5

ليست هناك تعليقات

مدون محترف