الإمارات تتحول إلى مركز صناعي إقليمي بمعايير تنافسية عالمية
يقف الاقتصاد الإماراتي على مشارف مرحلة جديدة، خاصة على مستوى القطاع الصناعي، وهي مرحلة تفتح أبواباً جديدة من الاستثمارات الصناعية المحلية والدولية، وتؤدي إلى ضمان الأمن الصناعي الاستراتيجي للدولة من جهة، وتعزيز عناصر القوة المتمثلة في الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
وتقدم الإمارات نموذجاً حيوياً، في مجال الاستثمارات المختلفة، بما في ذلك الاستثمارات الصناعية، وهي بيئة حاضنة لهذه الاستثمارات، وجاذبة للاستثمارات الجديدة، خصوصاً، أن بيئة الأعمال الإماراتية، ذات معايير وتنافسية عالية من حيث الشفافية، وسيادة القانون، وقدرة الاقتصاد الإماراتي على الازدهار، في ظل حالة من الاستقرار، راكمت أساساً نجاحات كبرى على صعيد القطاع الصناعي، من بينها وجود أكثر من 21 منطقة صناعية حرة متكاملة في الدولة.ويمثل الدعم الذي تقدمه الإمارات للقطاع الصناعي، حافزاً كبيراً للمستثمرين المحليين والأجانب، خصوصاً في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، والتكنولوجيا المتقدمة، وصناعات التقنيات والذكاء الصناعي، والصناعات الفضائية، والطبية، والطاقة النظيفة والمتجددة، والآلات والمعدات، والمطاط واللدائن، والمواد الكيميائية، والصناعات النفطية، والصناعات الثقيلة الخاصة بالحديد والألومنيوم، والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، والصناعات الدوائية، والأغذية والمشروبات.
إضافة إلى قطاعات صناعية مرتبطة بالطيران، والسفن البحرية، والصناعات الدوائية والمعدات الطبية، والمعادن المصنعة، والسلع الاستهلاكية سريعة التداول، وهي جميعها مجالات قابلة للنمو والتطوير والاستثمار فيها، في ظل بيئة حاضنة وجاذبة للاستثمارات، تستقطب رؤوس الأموال المحلية والدولية.
وتعد دولة الإمارات من الدول الأبرز في الشرق الأوسط والعالم، في تركيزها على الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا، حيث كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قد أطلق استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة في سبتمبر 2017، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، والمساهمة في تحقيق اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية التي تدمج التقنيات المادية والرقمية والحيوية، وتجسد الاستراتيجية توجهات الحكومة في أن تصبح دولة الإمارات نموذجاً عالمياً رائداً في المواجهة الاستباقية لتحديات المستقبل، وتطويع التقنيات والأدوات التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة لخدمة المجتمع.
ويأتي إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة «Operation 300Bn»، كبرنامج وطني شامل ومتكامل يهدف لزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي في الدولة من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031، إعلاناً عن مرحلة جديدة، تستهدف فيها الإمارات قطاعات صناعية ذات أولوية، من أجل تطويرها، عبر تحسين البنى القانونية والتشريعية، وتقديم الممكنات للمستثمرين، ودعم نمو الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسيتها.
وتشكل هذه الاستراتيجية خطة عمل وطنية في إطار رؤية عريضة تسعى للنهوض بالقطاع الصناعي وتعظيم مردوده ليكون رافداً اقتصادياً رئيسياً، من خلال توفير الآليات والأدوات الممكنة، وتعزيزها، وبناء مظلة تشريعية وقانونية ولوجيستية وتقنية وبنية تحتية هي الأكثر مرونة، موفرة حزمة من التسهيلات والإعفاءات غير المسبوقة، وجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع الصناعي وتوفير بيئة صناعية إنتاجية في الإمارات بمواصفات عالمية، إلى جانب دعم وتسويق المنتج الصناعي المحلي وتعزيز جودته وتنافسيته.
كما تم إطلاق الهوية الصناعية الموحدة، التي تشكل امتداداً للهوية المرئية لدولة الإمارات، التي حملت عنوان «اصنع في الإمارات»، وستكون بمثابة حملة تسويقية كبرى، بهدف جعل المنتج الصناعي في الدولة انعكاساً لكل ما تمثله هوية الدولة القائمة على التفرد والتميز، ضمن معايير موحدة على مستوى إمارات الدولة، تعتمد أعلى معايير الكفاءة والجودة الفائقة، وإبراز المقوم الإماراتي في المنتج الوطني، وتعزيز تنافسية الصناعة والمنتجات الوطنية، بحيث تكون ضمن الصادرات الإماراتية المطلوبة في العالم لنوعيتها وتنافسيتها.
كما تستهدف دولة الإمارات التحول إلى مجمع خبرات صناعية في المنطقة، وتحفيز الابتكار وتبني التكنولوجيا المتقدمة في الأنظمة والحلول الصناعية، وتعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية لريادة صناعات المستقبل، وتأهيل كفاءات إماراتية في هذا القطاع.
وحصلت الإمارات في عام 2018 على المركز الـ35 عالمياً في مؤشر القدرة التنافسية الصناعية، كما بلغت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي 133 مليار درهم في عام 2018، وهو ما يعادل 8.4%، كما بلغت قيمة الصادرات الصناعية، نحو 240 مليار درهم في عام 2018.
ويشكل حجم الإنفاق على البحث والتطوير في القطاع الصناعي في الإمارات 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغ عدد الشركات الصناعية العاملة في الدولة حينها أكثر من 33 ألف شركة، 95% منها شركات صغيرة ومتوسطة، وبلغ عدد العاملين في القطاع الصناعي في الدولة 737 ألف موظف، وهي أرقام في غاية الأهمية، تؤكد أن الفرص الاستثمارية المتوفرة كبيرة، وأن توفير التسهيلات المالية سيؤدي إلى ازدهار كبير في هذا القطاع.
ويعد قطاع الصناعات الفضائية في الدولة، من القطاعات الحافلة بالفرص الاستثمارية، حيث تمتلك أكبر قطاع فضائي في المنطقة، بما يعزز الجاذبية الاستثمارية التي يتمتع بها قطاع الصناعات الفضائية في الدولة، خصوصاً مع الدعم الرسمي والحكومي، ووجود الأسس التشريعية والقانونية التي تنظم عمل قطاع الفضاء محلياً، والبنية التحتية المتطورة مثل مراكز التطوير والأبحاث العلمية ذات الصلة.
ليست هناك تعليقات