تركيا تحاول اختراق السودان من بوابة المساعدات الإنسانية


 تُحاول تركيا منذ أن عزل الجيش السوداني حليفها الوثيق الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019 إعادة تنشيط آليات التغلغل في النسيج المجتمعي للسودان حيث تحتفظ بولاء بقايا من أنصار النظام السابق، مُنوعة تحركها بين التسلل عبر منافذ ثقافية ودينية ومن بوابة المساعدات الإنسانية.

وفي أحدث تحرك لها، وزع الهلال الأحمر التركي  بالتنسيق مع نظيره السوداني، مساعدات إنسانية على محتاجين في العاصمة الخرطوم تشمل طرودا غذائية على المحتاجين في ريف منطقة 'الفكي هاشم'.

وشارك السفير التركي لدى الخرطوم عرفان نذير أوغلو في توزيع تلك المساعدات الإنسانية.

ويأتي هذا التحرك تحت عناوين إنسانية، بينما تشهد العاصمة السودانية احتجاجات على شح غاز الطهي وعلى ضوء أزمات متناثر اقتصادية ومالية وأمنية وهي البيئة المفضلة بالنسبة للنظام التركي الذي دأب على توظيف تدخلاته الإنسانية لصالح أجندة جيوسياسية قائمة على التمدد والتوسع الخارجي، مستفيدا من أذرع محلية تعمل على تسهيل مهمته.

وأربك سقوط البشير الحسابات التركية وخطط الرئيس رجب طيب أردوغان للتمدد في إفريقيا من بوابة السودان وتمرير أجندة جماعات الإسلام السياسي في المنطقة.

وكانت السلطة الانتقالية في السودان التي ورثت تركة ثقيلة من مخلفات البشير وتحالفاته المعقدة مع الإسلاميين ومع الحاضنة التركية لجماعات الإسلام السياسي، قد باشرت بتطهير مؤسسات الدولة من بقايا النظام السابق وتصحيح مسار العلاقات الخارجية وكبح التدخلات التركية والقطرية.

وعلى ضوء ذلك انحسر النفوذ التركي في السودان إلا من بقايا أنصار الرئيس المعزول والمعتقل على ذمة قضايا فساد مالي وسياسي والتورط في دعم أنشطة إرهابية والتي تتحرك بين الحين والآخر لإثارة الفوضى.

ولم تجد تركيا سبيلا لاستعادة نفوذها في السودان إلا عبر منافذ إنسانية أو دينية أو ثقافية وهي عنوانين تشير في ظاهرها إلى البعد الإنساني والخيري، إلا أن أهدافها غير المعلنة تتصل أساسا بإيجاد موطئ قادم ثابت واستقطاب المزيد من الموالين خدمة لأجندة التمدد وترسيخ النفوذ.

والسيطرة والتغلغل تبدأ بالمنطق السوسيوسياسي بالسيطرة على المجتمع وتوجيه دفته نحو الأجندة المراد تسويقها في هذه المنطقة أو تلك.

وفقدت تركيا حليفا مهما لها في إفريقيا بسقوط البشير ونظامه، ما دفعها لتعزيز تحركها على المستوى الإنساني والثقافي أملا في إعادة الزخم للعلاقات التركية السودانية.

وفي دلالة على حجم ما كان عليه النفوذ التركي في السودان، كان الرئيس المعزول عمر البشير قد فرطّ لنظيره التركي خلال زيارة للخرطوم في العام 2017، في جزيرة سواكن الإستراتيجية على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرقي السودان.

وفرطت السودان في الجزيرة الإستراتيجية التي تكتسي أهمية تاريخية ورمزية للأتراك كونها كانت تدار مباشرة من السلطان العثماني، في الوقت الذي يمثل فيه التمدد التركي في المنطقة خطرا على الأمن القومي العربي حيث يشكل البحر الأحمر مجالا حيويا لأمن كل من مصر والسعودية.

وعززت تركيا التي يسود التوتر علاقاتها مع السعودية ومصر، استثماراتها في السودان خلال الفترة السابقة لسقوط البشير.

وتعتزم تركيا إعادة بناء ميناء سوداني يرجع للحقبة العثمانية على ساحل البحر الأحمر وبناء مرفأ لصيانة السفن المدنية والعسكرية بموجب اتفاق توصل إليه الجانبان خلال آخر زيارة قام بها أردوغان للخرطوم قبل سقوط البشير.

لكن سقوط البشير أربك تلك الخطط ولاتزال وضعية سواكن محل غموض ولا يعرف بعد ما اذا كانت السلطة الانتقالية ستلغي الاتفاق أما ستلتزم به على الرغم من أن التفريط في تلك الجزيرة الذي تم تحت عناوين الشراكة، يمس إلى حدّ من ما من سيادة السودان.

وتعمل السلطة الانتقالية في السودان على تفكيك شبكة العلاقات المعقدة التي أقامها الرئيس المعزول مع تركيا  وإعادة بنائها بما يحفظ سيادة وأمن السودان.

تركيا تحاول اختراق السودان من بوابة المساعدات الإنسانية تركيا تحاول اختراق السودان من بوابة المساعدات الإنسانية بواسطة The King on أبريل 29, 2021 Rating: 5

ليست هناك تعليقات

مدون محترف